حاجه على قدنا

تبا لهذا الموقد لا يمكنه أن يشبع أبدا سأحضر مزيدا من الوقود ...
على الطاوله معجم طبي ..ألن تتابع القرائه ؟ ... لا أكتفيت لا أريد القرائه اكثر ...
لموقد يكاد يخبو سأحصضر الوقود بسرعه ...و أستلقي على كرسيي الهزاز ...
و أتأمل نافذة الصاله العريضه بسكون ... هه ! أنها تثلج في الخارج هناك ثلوج خارج منزلي ...
تلتصق بزجاج النافذه ثم تنساب ذائبه ... يا للسماء ! انها بيضاء و الاشجار بيضاء ....
سأخرج ...ولكن ماذا ان اصبت بنزلة برد ...؟
لما لا ..أنا مشتاق لهذا الشتاء ابدا فان ضمني الى صدره سأحضنه أيضا ...
على كل سألبس معطفي و قفازي ... المظله ؟ لاداعي لها ليس هناك ما أخفيه تحت هذه السماء ....
ايها لموقد مضطر أن أطفئك بيدي هاتين ...و أعتذر عن غدري بك الى اللقاء ...
( يطفيء الموقد و الأنوار و يغادر المنزل ..)
ماذا سيقول الجيران الآن ان شعروا بي خارجا في منتصف ليلة كهذه ...؟
هههه... سيقولون جارنا هذا الطبيب ذهب عقله منه ...ربما ...لالالا دعنا
نقول أنهم سيغتقدون أنها حالة انسانية طارئه خرج في اثرها ...لمللا ألسن
أنا انسانا أيضا ؟
حسنا دعنا نرى أيها الطبيب هل تستقل سيارتك أم تمضي راجلا على قدميك ؟؟؟
يفضل المشي فهو ينشط الدورة الدمويه ...
نعم أي رأي و اي عقل رزين لديك امشي يا عزيزي امشي ...
سامشي حتى حديقة تشرين مسافة طويله و لكن المنظر يستحق ذلك ...
( منتصف الطريق يمر باحدى حانات الليل و هو يرتعش من البرد )
هيه أنت يا طبيبي العزيز ماذا عن زجاجة من البيره تبتاعها من هنا و تغدوا
في نزهتك الغريبه تلك .. نعم لمللا على الاقل ساشعر ببعض الدفء اذا شربت
...
( يبتاع الجعه و يمضي خارج الحانه و نظرات الذهول تلاحقه )
ها هي الحديقة الأثريه .. لا ليس هذا المقعد سأجلس على ذاك قرب نهر بردى ...
نعم سأجلس هنا مع ذكرياتي و احتسي هذه الزجاجه ...
( بعد عشر دقائق من الشرب يسمع صوتا خلفه )
صاحب الصوت :عدت اذا ...
هو : من انت من الذي يخاطبني يلتفت فاذا شجرة السرو القديمه خلفه مغطاة بالثلج ...
هذه انت كيف حالك هل انت بخير ايتها الشجره ؟؟
شجرة السرو : أنا جيدة جدا مع هذه القبعة البيضاء التي أعتمرها ولكن ماذا عنك أنت ؟؟
هو: أنا ..( يقهقه ببطء ) .. انا الان هنا ...( ويشير باصبعه الى الزجاجه التي قد شرب نصفها تقريبا )
شجرة السرو : تترد هنا كل شتاء و لأكون دقيقه كلما نزلت الثلوج أما زلت عاشقا يا عزيزي ؟
هو : نعم ما زلت عاشقا يا عرابة هوانا الذي أفل .
شجرة السرو : نعم قد أفل ... تستطرد : لقد رحلت تلك التفاه من زمن بعيد و
دمشق ملئ بوعود حب جديده فدعك منها اذا و اجمع براعم الورد طالما الشمس
مشرقه , ألا ترى انك لم تكمل حتى العقد الأول من عمرك و بؤسك هذا ينزل بك
كهولة العجزه ..؟!
هو ( متسائلا ) : شمس !.. أين الشمس ؟ ( يحدق في السماء ) لا أرى هناك سوى عينيها العراقيتين ...
شجرة السرو : حتى هذا الذي تراه وهم صدقني لم يبق هناك شيء عراقي بعد الان ...
( يقاطعها متمتما بترنح ) : لالالالا... هناك في الفضاء عينيها تبسمان لي كي اشعر بالدفء ..
شجرة السرو : انها الكحول ايها الطبيب تمنحك الوهم بالدفء فقط لا أكثر .. ثم لا يوجد شيء في الفضاء سوى هذه الانواء ..
هو ( ضاحكا بتهكم ) : يبدو أنك كبرت جدا أيتها الشجرة و اصبحت كهلة فقصرت
على الرغم من هذا الطول أن تلمحي عينيها بين تلك الانواء و الثلوج ..
شجرة السرو : انت تهذي نعم تهذي بلا شك ...
هو ( مع زفرة طويله ) : أنت أحيانا يا سيدتي يكون الهذيان حقيقة مطلقه ..
( يوميء براسه الى جانب المقعد و تهرب من عينه دمعة ساخنه )
شجرة السرو : لماذا البكاء الان ؟ .. لا تقل لي انها أغمضت عينيها و رحلت ..؟!
هو ( بألم و حسره ) : هنا بقربي كانت تجلس دائما أقبلها تقبلني واحضنها و
تحضنني هنا بقربي كانت عينيها و كانت كل النجوم هل تذكرين ذلك ايتها
الشجره ؟؟؟
( تهب الريح فتصدر شجرة السرو حفيفا كالبكاء )
ينهض هو بتثاقل من مكانه و يعود أدراجه .. تاركا على مقعده ذكرياته .... و نصف زجاجة من البيره ..........